السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
كثير من الاسئلة تُّطرح ولا يوجد جواب كافٍ لحل تلك الأسئلة، والسؤال الأهم والمهم والذي يعرفه القلة القليلة من المختصين في صناعة الدواجن هو: ”ما هو لقاح المعقّد المناعي (immune complex vaccine)؟“
كيف يعمل هذا اللقاح؟ وما هو الذي يفعله؟ وهل يعطي هذا اللقاح حماية أفضل من اللقاحات الحية؟ سوف نتكلّم بإيجاز عن هذا اللقاح وبخاصةٍ عن اللقاحات المبنية على أساس المعقّد المناعي (ICX) ضد مرض التهاب جراب فابريشيوس أو الغومبورو (IBDV)، وسوف أحاول قدر الإمكان أن أشرحه ولو بشكل موجز.
هناك الكثير من الأراء العلمية حول كيفية تصنيع اللقاح، ويبقى علماء التصنيع في شركة تصنيع اللقاحات هم الأعرف بالأمر، وكل شركة لها أسرارها ولديها برائة اختراع في المجال، وتفسير العلماء حسب إختباراتهم، وطلابهم، وتكهناتهم، واجتهاداتهم، والتي أخذتها في كل الإحتمالات لكي أعطي جوابي على تلك الأسئلة.
كيفية إعطاء اللقاح
قبل أن نبدأ في كيفية عمل اللقاح، يجب علينا معرفة كيف نعطي اللقاح وما هي الإرشادات الواجب اتباعها قبل عملية التلقيح.
1- يجب إستخدام سرنجات معقّمة (إبر من مقياس 20-22)
2- يجب حقن الطائر في مكان مخصص فقط وذلك خلف الرقبة، ويجب أن يكون الحقن بعيد عن الرأس لتجنّب ضرب العضلات أو العظام.
3- يجب إستخدام اللقاح وبصورة كاملة بعد حل اللقاح (ساعة واحدة فقط).
4- يجب تبخير السرنجات وأدوات التلقيح ببخار الماء فقط، المضغوط لمدة ١٥ دقيقة أو بالغليان لمدة ٢٠ دقيقة.
5- يُمنع إستخدام أي معقّم أو مطهّر لأجهزة التلقيح والمعدات.
6- يجب إستخدام المذيب الخاص بالشركة المصنعة للقاح حصراً، ولا يجوز إستخدام مذيب اجتهادًا من القائمين بالتلقيح.
7- يجب مسك الصيصان من الخلف والتمسّك بموخرة الرقبة (العنق) في أسفل الرأس مباشرةً، ثم بعد ذلك رفع الجلد المترهل في هذه المنطقة وبعدها تُحقن الإبرة تحت الجلد بعيدًا عن الرأس.
8- يجب أن يتم تخزين اللقاحات في درجة حرارة تتراوح بين 2 و6 درجات مئوية.
9- يجب عدم وضع اللقاح في التجميد.
10- يجب أن يوضع المذيب الخاص باللقاحات في درجة حرارة الغرفة.
كيف يعمل اللقاح؟
بالنسبة لتركيبة لقاح الـ ICX، فأنه يتألف من الآتي :
1- المصل الضدّيّ لأمراض جراب فابريشيوس (bursal diseases antiserum أو BDA)
2- فيروس المرض الحيّ (سلالة 2512 للـ IBDV) والتي تُّعتبر مقاومة للأجسام المضادة الأمومية (maternal antibodies أو MAB)، وهو ما المطلوب في هذا اللقاح.
إنّ اللقاح عبارة عن عترة مضعفة (IBDV 2512) مع جسم مضاد أو غلوبولين مناعي (IgY) المستخلص من بيض الدجاج الملقّح بنفس الضرب المصلي (مطلي بنسبة 95 إلى 98 بالمئة). من أهم مزايا هذه اللقاحات:
1- إنّ العترة المستخدمة هي IBDV 2512.
2- وجود تأخير في عملية تنسّخ الفيروس.
3- إنخفاض نسبة تأثير المسبب المرضي (pathogenic effects).
إنّ هذا النوع من اللقاحات قادر على تحفيز الجهاز المناعي الذي يحتوي على مستويات متنوعة من أجسام مضادة (Ab) والتي تكون قادمة من الأم الى الطائر.
ما هي ألآلية؟
عند حقن اللقاح في اليوم الأول، سوف تبدأ الإشارات المناعية (immune signaling) وذلك لفترة ما بين 0 و3 أيام.
ثم تبدأ هذه اللقاحات بالإنفكاك (وأقصد انفكاك الجسم المضاد عن المستضدّ)، وذلك من عمر 14 يوم تقريباً ولغاية 21 يوم في مستوى ثابت ومتسلسل حسب وقت التهام الـ DC (أي كتلة التمايز) للّقاح، وبعدها سوف يكون الإنفكاك قد أكمل بعمر 28-29 يوم.
يكمن عمل اللقاح في أن فيروس اللقاح الذي تم تقديمه الى الجهاز المناعي للطائر عبارة عن مركب مناعي وليس الفيروس وحده (immune complex)، والذي يأتي من فيروس غومبورو بسيط جداً، وتأثيره البسيط على الأجسام المضادة المشتقة من الأم (MDA).
تقوم هذه اللقاحات بتوليد مناعة مبكرة وتدريجية وموحّدة لدى الطيور، مع إعطاء مناعة طويلة الأمد، حيث يعمل اللقاح جنباً الى جنب مع المناعة الأمية، وبعد فترة معينة يقوم بإطلاق الفيروس بصورة تدريجية وفق آلية معيّنة. سأقوم بشرح آلية الإطلاق للـ IBDV (أي IBDV release action) بالتفصيل هنا، وهذا الإطلاق سوف يحفّز الجهاز المناعي بالتدريج كلما قلّت المناعة الأمية.
إنّ هذه اللقاحات المركبة تُسمّى بـ intelligent vaccination أو ما يعرف باللقاحات الذكية، ويتم عملها من خلال تكيف بداية المناعة مع الإحتياجات المطلوبة للجهاز المناعي للطائر، وبعدها الإصابة والإستعمار أو الهجوم على جراب فابريشيوس (bursa) في اليوم الأمثل (optimal days) لكل طائر على حده، بحسب المناعة الأمية القادمة له، وبالتالي – وهذه النقطة مهمة جداً في هذا النوع من اللقاحات – فإن هذه اللقاحات سوف تتجنّب تلك الفجوة (gap) التي تحدث عند إستخدام اللقاحات الحية التقليدية، وهذه هي الميزة الجيّدة والمثالية لهذه اللقاحات والتي تميّزها عن اللقاحات الحية التقليدية.
ولكن السؤال الذي يشغل الكثيرين، وهو السؤال الأهم في نظري، فهو … ما هي آلية عمل هذه اللقاحات وكيف يتم عدم تحييد الأجسام المناعية الأمية لدى الطائر (prevention of maternal antibodies)، وكيف يتم الإحتفاظ بفيروس اللقاح لغاية لحظة دخوله الى الجراب والتكاثر فيه؟
النقطة الأساسية في ضمان طلاء (coating) الفيروس بالجسم المضاد، وهذا بدوره سوف لن يسمح بتحييد الأجسام المناعية الأمية.
النقطة الثانية وهي أنّه عند أخذ الـ FDC (الخلايا المتغصنة الجرابية) المركب المناعي (الفيروس مع الغلوبولين المناعي IgY)، بعد فترة معينة سوف تقوم هذه الخلايا بعملية فك الأجسام المضادة (antibodies) عن المستضدّات (antigens)، بصورة تدريجية ومنظّمة مناعيًا، وسوف تقوم بإطلاقه في مجرى الدم وبصورة مستمرة، ولكن قليلة إذا كانت المناعة الأمية قوية ونشطة. سوف تقوم هذا الخلايا بإطلاق المستضدّ من عمر 9 أيام وبصورة تدريجية لتحييد المناعة الأمية. أمّا إذا كانت المناعة الأمية غير جيّدة فسوف تقوم هذه الخلايا باطلاق الستضدّ بعمر 13 يوم، وبعد ذلك سوف يذهب المستضدّ الذي لم يتحيّد الأجسام المناعية الأمية الى جراب فابريشيوس – ولكن بشكل قليل – ويبدأ بالتكاثر بشكل تدريجي، وهذا يعني أنّ الطائر سوف يحمي نفسه بشكل تدريجي (automatic protection) وهذا بدوره سوف يؤدي إلى بداية تكوين المناعة (immunity start)، ومن هنا تأتي شهرة المناعة المتكونة من هذا التلقيح المعروف بـ intelligent vaccination، وتُعتبر هذه اللقاحات ثورة في عالم التلقيح.
نقطة أخرى مهمة جداً وميزة رائعة للقاح الـ ICX هذا هو أنّ عند إعطاء هذه اللقاحات يتم حماية جراب فابريشيوس من الإصابة لفترة 7 أيام بعد التلقيح، وخلال هذه الفتره سوف يسمح اللقاح للجراب بالتطور بشكل طبيعي خلال هذه الفترة، وعدم حدوث أي تثبيط مناعي (immunosuppression)، حيث خلال هذه الفترة سوف يتطور الجراب وخلالها سوف يحدث تنوع وتطور الغلوبولينات المناعية (immunoglobulin diversity) ويتم بداية تحفيز المناعة بأجملها.
إنّ أغلب العلماء والباحثين أكدوا على أنّ فيروس اللقاح سوف يصل بالتدريج الى جراب فابريشيوس بعمر 15 يوم، وأنّه يمكن اكتشاف الفيروس في الغدة التيموسية (thymus) في هذا العمر ايضاً.
النقطة المهمة والأساسية في ربط المركب المناعي مع الـ FDC، والتي سوف تكون لفترة طويلة بواسطة المستقبلات المكملة من نوع الـ C3 (complement C3 receptors) ومستقبلات من نوع الـ FC (FC receptors)، وهذا يعني مناعيًا الإحتفاظ بالمستضد لفترة طويلة من الوقت، وبالتالي سوف ينشّط خلايا الذاكرة (الخلايا البائية أو B cells)، ممّا بدوره سيؤدي الى استجابة مناعية طويلة الأمد (long time humoral response induction) وهو ما المطلوب من هذه اللقاحات.
يمكن إكتشاف المستضدّ في الغدّة التيموسية وكذلك الطحال، كما يمكن إكتشاف نشاط الفيروس بعمر 21 يوم في الغدة التيموسية، والطحال، وجراب فابريشيوس.
آخيراً وليس آخراً، أتمنّى أن أكون قد أوصلت الفكرة في كيفية عمل هذه اللقاحات.