موجة الحرّ، بحسب المنظّمة العالميّة للأرصاد الجوّيّة، “تحدث عندما تتخطّى الحرارة اليوميّة خمسَ درجاتٍ مئويّةٍ فوق المعدّل اليومي في فترة زمنيّة مرجعيّة، لمدّةٍ تتخطّى ستّة أيّام متتالية على الأقلّ”.
وتكون النتائج السلبيّة المباشرة على كفاءة الدجاج البيّاض التجاري جرّاء الحرارة المرتفعة والرطوبة النسبيّة كالآتي:
- انخفاض في تناول العلف
- هبوط الانتاج
- انخفاض في جودة البيض، والأهمّ
- ازدياد في نسبة النفوق
إذا حاولنا تقييم ما يحصل مؤخّراً، نُدرك أنّ واقعيّاً، تزداد إمكانيّة حدوث موجات الحرّ يوماً بعد يوم.
وفي هذا السياق، يمكننا القول أنّ موجات الحرّ متعلّقة بنتيجة الاتّزان السلبي بين:
- كميّة الحرارة المنبعثة من الحيوان إلى البيئة المحيطة به،
- وكميّة الحرارة التي يُنتجها الحيوان نفسه.
إذا أخذنا بعين الإعتبار أنّ الحالة الفضلى هي تلك التي يُحافَظ بها على الاتّزان الحراري، يُعتَبر الإجهاد تحديداً اختلال التوازن الذي يدفع بالحيوان إلى استعمالِ طرقٍ أخرى للمحافظة على اتّزانه الحراري.
تعدّ الطيور كائناتٍ ثابتة الحرارة، أي أنهّا تبقي حرارة جسمها ثابتةً نسبيّاً (حوالي 41 درجة مئويّة). لكنّ خاصيّتها هي غياب غدد التّعرّق، ما يجعل تبادل الحرارة بين جسمها والبيئة المحيطة بها صعباً.
وبسبب هذه الخاصيّة، تستطيع الطيور تبادل الحرارة مع البيئة بواسطة أربعِ طرقٍ للحفاظ على حرارة جسمٍ متوازنة:
- الحِمل الحراري
- التوصيل الحراري
- الإشعاع الحراري
- التنفّس
لم يعد احترام حدود المنطقة الحراريّة المحايدة للدجاج البيّاض في “الحالات الطبيعيّة” أمراً سهلاً ولا يعتمده الجميع. في حالة موجة الحرّ، تُعتبر الخسائر المُتَكبّدة فادحةً من الناحية الاقتصاديّة بسبب نسبة النفوق المرتفعة، كما حصل في البرازيل في فترتي الربيع والصيف.
وأخذاً بعين الاعتبار نطاق الحرارة المثالي لمنظوم التربية، يكشف الرسم الآتي الحدود المُقترحة للحالات المختلفة خلال فترات التربية والانتاج.
في تحليلٍ مباشرٍ وبسيط ، من الممكن استنتاج أنّ في حالة موجات الحرّ، ترتفع ظروف الإنتاج إلى مستوياتٍ أعلى بكثير من الحرارة المثاليّة المقترحة.
بالإضافة إلى الظروف المتعلّقة بالحرارة، ترتبط نِسب الرطوبة النسبيّة في الجوّ بتفسير البيئة الفيزيائيّة. ليس من الممكن تقييم بيئة الانتاج من خلال الحرارة فقط.
يجب أخذ نسب الحرارة والرطوبة النسبيّة معاً بعين الاعتبار عند تقييم المناخ التفصيلي لبيت الطيور.
ومع ذلك، يجب الأخذ بعين الاعتبار:
- المتطلّبات الجينيّة
- مرحلة التزاوج
- وفي الوقت الحالي، يجب إعتبار أسلوب الانتاج، أي إذا تُبقى الدجاجات البيّاضة في الأقفاص المُعتمدة، أو خارجها.
لا يمكن التطلّع إلى هذا الواقع، الذي لم يعد بسيطاً، بالطريقة نفسها من منظور البيئة وراحة الطيور، بحيث أنّ الظروف تختلف جدّاً بالرغم من تمتّع الطيور بالمنطقة الحراريّة المحايدة نفسها.
يختلف التصرّف الحراري جدّاً داخل المنشآت. لذلك، إنّه لمن الأساسي التفريق بين الخاصّيّات البيئيّة، باعتبار أنّ بيئة الدجاجات في الأقفاص مختلفةٌ تماماً عن بيئة دجاجات النطاق الحرّ.
البيئة: دجاجات الأقفاص مقابل دجاجات النطاق الحرّ
بالإضافة إلى الحرارة الناتجة عن أشعّة الشمس المباشرة، تُنتج المنشأة حرارةً داخليّةً مرتبطة بالطيور نفسها ومخلّفاتها. ويزيد على ذلك أشعّة الشمس غير المباشرة المنعكسة من خارج المنشأة إلى داخلها، وخصوصاً في النموذج الكاليفونيّ وغيره من النماذج التي لا تحتوي على الستائر أو وسائل أخرى للحماية من الأشعّة.
يعدّ التخلّص من الحرارة الداخليّة في المنشأة أساساً للمحافظة على نوعٍ من السيطرة على بيئة الدجاجات البيّاضة، وذلك ممكن بطريقتين:
- تفادي دخول الحرارة – عن طريق العزل (السقوف، والأغطية، والستائر، والأنفاق، عبر استعمال موادّ عازلة جيّدة وقليلة نقل الحرارة).
- التخلّص من الحرارة الداخليّة – عن طريق التهوئة (إيجابيّة، وسلبيّة، ومتعامدة، وهي معتمدةٌ على مقاسات السقائف وتدرّج الحرارة بين البيئة الداخليّة والخارجيّة، ما يملي تدفّق الهواء اللّازم للدجاج).
تعدّ الإعتبارات المذكورة أعلاه مهمّة جدّاً لفعاليّة مشروع السيطرة على بيئة الدجاجات البيّاضة.
ولكن بالرغم من ذلك كلّه، هناك حالاتٌ في الخارج لا تنفع فيها السيطرة، مثلما لا ينفع جهاز التكييف إذا كان يعمل بطاقته القسوى.
يبيّن الرسم 2 أدناه سقيفةً محكومة المناخ للدجاجات البيّاضة. لكنّ تدفّق الهواء لا يكفي للتخلّص من الحرارة الداخليّة في السقيفة
في الحالات هذه، من المهمّ الأخذ بعين الاعتبار كميّة بخار الماء (أو الرطوبة النسبيّة) في بيئة الانتاج وفارق الحرارة بين مدخل (أي بداية) ومخرج (أو نهاية) السقيفة.
الرسم 2. التنوّع الحراري في بيوت الطيور التقليديّة وتلك محكومة المناخ (Guerra, 2020).
الرسم 3. استراتيجيّات الإدارة السيكومتريّة (لقياس الرطوبة) لأجهزة تكييف الهواء في بيوت الطيور (Silva, 2020).
ما زال واجباً ربط إدارة موجة الحرّ بالحاجة إلى جهاز تبريدٍ فعّالٍ. تعتمد هذه الإدارة على العوامل الخارجيّة المحيطة بالسقيفة.
يرتبط البروتوكول الإرشادي، الذي يجب اعتماده وتطبيقه كنقطة إنطلاق في مشاريع تكييف الهواء، بخاصيّات الهواء السيكرومتريّة الموجودة بالرسم 3.
تعتبر الرطوبة النسبيّة المحليّة أساسيّةً في اتّخاذ قرارات إدارة جهاز التبريد الذي سيتمّ اعتماده.
يجب استعمال الرسم 3 كمرجعٍ تطبيقي ومفهوميّ يجسّد كيف يجب عدم تشغيل برامج التغشية أو ألواح التبخّر في البيئات حيث تفوق الرطوبة النسبيّة الـ80%. من الشائع، مع الأسف، مراقبة العكس في الريف.
تخفّض قدرة تبخّر الكتلة الهوائيّة الناشفة للحرارة الداخليّة في بيت الطيور. يتضمّن هذا الأسلوب استهلاكاً للطاقة لتخفيض الحرارة. يمكن الاطّلاع على بحث دجِن دونالد (1999) عن قدرة التبريد المرتبطة بتنوّع الحرارة والرطوبة النسبيّة في بيئةٍ ما في الجدول 1.
كيف الحلّ؟
هناك عددٌ من التدابير البسيطة التي تستطيع التخفيف من حدّة إجهاد الحرّ في الطيور، وهي مرتبطةٌ بشكلٍ أساسيّ بالبيئة. نسلّط الضوء هنا على التدابير المتعلّقة بأساليب التربية المفتوحة على البيئة الخارجيّة، حيث نواجه صعوبةً في السيطرة على العوامل البيئيّة بسبب غياب آليّات ذلك:
1. يعدّ السقف من أهمّ تركيبات المنشأة، بحيث يجنّب الطيور أشعّة الشمس المباشرة. وبالتالي، يجب أن تكون الموادّ المصنوع منها السقف قادرة على عكس أشعّة الشمس بشكل كبير، وقليلة انبعاث الحرارة، وقليلة امتصاص الطاقة الشمسيّة. هذا يعني أنّه يجب على تلك المواد عكس القدر الأكبر من أشعّة الشمس وامتصاص أقلّ قدرٍ من الأشعّة، لبعث القدر الأقلّ من الحرارة إلى داخل المنشأة.
يجب طلاء السقف أبيض بغض النظر عن نوعيّة المادّة المستعملة للسقف، إذ تساعد على تخفيف الحرارة داخل السقيفة، لأنّ هذا اللون يساعد على عكس أشعّة الشمس.
2. التهوئة: في أساليب التربية المفتوحة على البيئة الخارجيّة، تساند إدارة الستائر التهوئة الطبيعيّة جيّداً. ولكن في حالات الحرّ الشديد، تعدّ التهوئة الاصطناعيّة أساسيّةً. بالرغم من أنها لا تعزّز انخفاض الحرارة المحيطة، تساعد التهوئة الاصطناعيّة على تخفيف الحرارة التي يشعر بها الطيور (أي تعدّل الشعور بالحرّ) عبر تغيير وتجديد الهواء المحيط بها، ما يساعد في عمليّة الحِمل الحراري.
3. للتهوئة المرتبطة بالتغشية آثار أكثر منفعة، بحيث أنّها تعزّز تخفيض الحرارة كما ذكرنا سابقاً، آخذة العناية اللازمة بالتزامن مع تغيّر الرطوبة المحيطة.
4. المناخ التفصيلي المحيط بالمزرعة: تلعب البيئة المحيطة بالمزرعة دوراً مهمّاً أيضاً. يجب أن يكون التراب المحيط بالمزرعة مزروعاً بالأعشاب، بحيث تساعد عمليّتا التبخّر والتعرّق على تخفيض الحرارة. بالإضافة إلى ذلك، نذكر أنّ التراب العاري يعكس الحرارة أكثر داخل السقيفة. أمّا الفيء الطبيعي فيساعد على المحافظة على حرارة مريحة أكثر داخل السقيفة.
5. تستطيع حرارة مياه الشرب التحسين من ردّة فعل الطيور للحرارة. تشير الدراسات إلى تحسّن انتاجيّة الطيور (من ناحية الأكل وإنتاج البيض) التي تستطيع الوصول إلى مياه الشرب الباردة مقارنةً بالطيور التي تصل إلى مياه الشرب ذات حرارة الغرفة فقط. لا يعتبر تبريد المياه عمليّاً بسبب ارتفاع التكلفة، ولكنّ التدابير البسيطة الأخرى مثل عزل خزّانات المياه وأجهزة توزيع المياه قد تساعد على تحسين الوضع. فبعكس الماضي، هناك اليوم عددٌ كبيرٌ من المنتجات التي توفّر قدرة عزلٍ ممتازة حتّى في موجات الحرّ.
6. اعتماد كثافة ملائمة في المساكن: عبر اعتماد خاصيّات العمار والمناخ المناسبة لكلّ منطقة.
7. إدارة تغذية صحيحة: عبر توفير حصّة غذائيّة تسمح بزيادة الانتاج ضمن تناول سعرات حراريّة أقلّ.
ماذا عن المستقبل؟
ليس هناك مكانٌ للمبتدئين عند التعامل مع بيئات تربية الحيوانات. لأنّ تربية الحيوانات لا تتوقّف على بيع المعدّات أو تكييف جوّ المنشأة بأيّ سعر، دون التفكير بكلفة الطاقة.
يكمن مستقبل تربية الدواجن ضمن التخطيط الاستراتيجي، بمعنى أنّ هناك بروتوكولات بيئيّة موضوعة قيد التنفيذ مع اعتبار معاملة كلّ سقيفةٍ على حدى ضمن منظّمة الدواجن.
لا يمكن توحيد الأحوال البيئيّة في مكانٍ واحدٍ واستعمالها كحزمة تقنيّة قابلة للتطبيق لدى جميع مربيي الدواجن. يجب تقييم كلّ بيت طيورٍ، وتعديله وتبديله بطريقة فريدة. عندها تستطيع الأحوال البيئيّة التعامل مع المشكلات مثل موجات الحرّ بشكلٍ تقنيّ.
اعتباراتٌ أخيرة
يعتبر الحرّ الشديد وموجات الحرّ شائعين جدّاً في جميع مناطق البرازيل. يجب أن تكون إدارة الانتاج الجيّدة، خصوصاً من ناحية التأسيس، الحاجز الأوّل أمام موجات الحرّ.
يعدّ استيعاب الإدارة وكيفيّة تغيير الحرارة والرطوبة النسبيّة وسرعة الحرارة وأجهزة التبريد أساسيّاً لتحسين وضع بيئة الدواجن.