ينتمي فيروس انفلونزا الطيور إلى صنف فيروسات الانفلونزا من العيّنة النمطيّة أ، من فصيلة الفيروسات المخاطيّة القويمة وجنس فيروسات الإنفلونزا أ، اعتماداّ على تصنيف اللّجنة العالميّة لعلم تصنيف الفيروسات.
الرسم 1. بنية فيروس انفلونزا الطيور.
- تعدّ من خاصيّات فيروس انفلونزا الطيور إحاطته بغشاء دهنٍ فوسفوريّ والتمتّع بشكلٍ كُرَويّ أو خيطيّ وحجمٍ تقديريّ بين 80 و120 نانومتر.
- يحتوي الفيروس على مجموعٍ مورثيّ مؤلّف من ثمانية أجزاء من الحمض النووي الريبوزي مفرد السلسلة الخطّي (linear single stranded RNA) مع اتّجاه 3-5‘ (سلبي).
- يرمز المجموع المورثي للحمض النووي الريبوزي إلى إحدى عشرة بروتينات، تسعةٌ منها بُنيَويّة (PB2 وPB1 وPB1-F2 وPA وHA وNA وM1 وM2) واثنتان غير بُنيَويّتين (NS1 وNS2).
- يرمز الجزء الأوّل إلى إنزيم البوليمراز PB2؛
- يرمز الجزء الثاني إلى إنزيم البوليمراز PB1 أو PB1-F2؛
- يرمز الجزء الثالث إلى إنزيم بوليمراز الحمض PA؛
- يرمز الجزء الرابع إلى البروتين السكري اللاصق المعروف بالهيماغلوتينين (HA)؛ وهو مرتبط في التصاق الفيروس بالخليّة، كما يحدّد حدّة الجرثوم، وهو المُستَضِدّ الذي يسمح بتصنيف فيروسات الإنفلونزا أ بـ18 هيماغلوتينينات مختلفة (16 منها في الطيور و2 في الخفافيش).
- يرمز الجزء الخامس إلى البروتين النّووي (N)؛ وهو المُستَضِدّ الذي يسمح بتصنيف فيروسات الإنفلونزا تحت الأجناس أ، ب، ج، أو د.
- يرمز الجزء السادس إلى النورامينيداز (NA)؛ وهي بروتين سكّري متواجد على سطح الفيروس، مرتبطٌ بافراز الجزيئات الفيروسيّة من مُستقبِل الخليّة المضيفة كما هو المُستَضِدّ الذي يسمح بتصنيف فيروسات الإنفلونزا أ بإحدى عشرة نورامينيدازات خاصّة (9 منها في الطيور و2 في الخفافيش).
- يرمز الجزء السابع إلى المطرس (M1 وM2).
- وأخيراً، يرمز الجزء الثامن إلى البروتينات غير البُنيَويّة (NS1 وNS2).
- تستطيع فيروسات انفلونزا الطيور الموجودة في الطيور إظهار واحدة من الهيماغلوتينين الستّة عشر على سطحها. وتستطيع بذلك نظريّاً أن تُنتِج 114 عيّنة نمطيّة فيروسيّة ثانويّة. لهذه البروتينتان الإثنتان تنوّعات بالمُستًضِدّات تحصل من خلال آليّتين:
- الآليّة الأولى عبارة عن مُستًضِدّ منحرف يتألّف من طفرات أُسُسيّة (التبدال، والغرز، والحذف، والعكس) ناتجة عن انعدام تصحيح إنزيم بوليميراز الحمض النووي الريبوزي خلال تصنيع المجموع المورثي الفيروسي.
- أمّا الآليّة الثانية فهي عن طريق إعادة دمج الجينات المجزّأة عندما تلوّث الخليّة بعيّنتَين نمطيّتَين مختلفتَين. تسمح هذه الأليّة الأخيرة للفيروس الحصول على أجزاء مورِثة من أصناف أخرى مثل الخنزير أو الإنسان.
المُضيف الطبيعي لفيروس انفلونزا الطيور
حاليّاً، تتواجد الهيماغلوتينات الستة عشر والنورامينيديزات التسعة في الطبيعة بالتعايش مع حوالي 225 صنفاً من طيور الماء البرّيّة المتوزّعة عالميّاّ والتي تنتمي بشكلٍ مباشر إلى رتبة الإوزّيّات (البطّ والإوزّ والتَّمّ) ورتبة الإفجيجيات (النوارس والخرشناوات والخواضات).
- تواجد هذه الفيروسات أيضاً في المناطق الرطبة، وهي المواطن المائيّة حيث يُعتبر الماء وسيلة عدوى،ولكنّ عدداً قليلاً من العيّنات معزولٌ من المياه ما يقترح أنّ الفيروسات فيها محدودة.
الرسم 2. الرصد السريع لتقديم فيروسات جديدة.
في أميركا الشماليّة وألمانيا وسويسرا، تعدّ العيّنات النمطيّة الفرعيّة المتواجدة بوتيرة عالية في البطّ هي H4N6 وH6N2، بينما أقرّ وجود العيّنات النمطيّة الفرعيّة H13-H16 في الخواضات.
تعتبر الفيروسات المتواجدة في البريّة قليلة الإمراض ولها قدرة محدودة على تبديل التركيبات الوراثيّة بين القارّات.
ولكنّ بعض العيّنات النمطيّة الفرعيّة المرتبطة بالهيماغلوتينات H5 وH6 وH7 وH9 الآتية من الطيور المائيّة البريّة لها فيروسات قليلة الإمراض وتكون على احتكاكٍ دائمٍ بأنظمة إنتاج الدواجن الداجنة مثل البطّ والدجاج والديك الرومي؛
- تبدأ هذه العيّنات النمطيّة الفرعيّة بالتأقلم عبر تكثيف حدّة الجرثوم والقدرة على التسبّب بمرضٍ مميت.
ومثالٌ على هذا الانبعاث والوجود الحالي للعيّنة النمطيّة الفرعيّة شديدة الإمراض H5N1 في الدواجن في الصين، والتي أظهرت قدرتها على قتل الطيور الداجنة، بعض الطيور البريّة، والثديّات، وفي حالاتٍ نادرة، أناساً على مقربة من الدواجن.
- عندما تمّ عزل الفيروس من حالات التهابٍ رئويّ في الإنسان في آسيا، كان أصل مجموعه المورثي من الطيور، لكنّ الفيروس لم يكن قد تطوّر لينتقل مباشرةَ من إنسانٍ إلى آخر.
ومثالٌ آخر عن كون الفيروس حيوانيّ المنشأ كان في حالة العيّنة النمطيّة الثانويّة H7N9 التي تمّ رصدها في 14 حالة مميتة من أصل 63 في الأناس في الصين.
- علّق المجموع المورثي لهذه العيّنة النمطيّة الثانويّة بفيروسات دواجن في طيورٍ حيّة وأسواق الحمام.
- وبالرغم من ارتباط العيّنات النمطيّة الثانويّة H5N1 وH7N9 عن طريق السلالات بفيروسات الدواجن، يعدّ الاحتكاك عن قرب عنصراً أساسيّاً لنقل العدوى، بالإضافة إلى العوامل الأخرى المرتبطة بصحّة الإنسان.
تعدّ منظّمة الصحّة العالميّة الـH7N9 قليل الإمراض في الدجاج، ولكن قد تمّ رصده في الإنسان.
إمراض فيروس انفلونزا الطيور H5N2 من السلالة المكسيكيّة
تمّ دراسة أوّل فيروسات انفلونزا الطيور المكسيكيّة قليلة وكثيرة الإمراض في تجاربٍ في الوسط الحيويّ. وفي هذه الدراسات، تمّ توثيق أنّ:
- يسبّب فيروس انفلونزا الطيور H5N2BP/1994 ملقّح في دجاجاتٍ داجنة عمرها أربعة أسابيع نسبة نفوق منخفضة مع علامات مرض رئويّة متواضعة.
- ينتشر الفيروس في الرئة، والأعضاء اللمفاويّة والأحشاء، ما يتسبب بنخر الأنسجة واستنزاف الخلايا اللمفاويّة في الأعضاء اللمفاويّة؛
- ينتشر فيروس انفلونزا الطيور H5N2AP أيضاً في أعضاءَ أخرى مثل القلب والدماغ والقصبة الهوائيّة واللّوزات العوراء ما يتسبّب بالنخر والنزيف وخسارة أهداب نسيج القصبة الهوائيّة الطلائي.
- يرتبط سبب نفوق الدجاج الممرَض تجربيّاً بفيروس انفلونزا الطيور H5N2AP بتلف بطانة الشعيرات الدمويّة وقلّة الصفيحات ما يؤدي إلى تلفٍ منتشر في العروق.
- تجريبيّاً، تمّ تبيان أنّ فيروس انفلونزا الطيور H5N2AP موجودٌ في الدمّ 28 ساعةً بعد التلقيح وحتّى 72 ساعة بعد انتهاء التجربة.
تجربة الإمراض
تمّ دراسة إمراض فيروس انفلونزا الطيور H5N2 في أصناف الطيور الأخرى مثل البطّ، والزقزاقاوات، والديك الرومي، والطاووس والسمان الملقّحة بالفيروس عن طريق العرق. لا تصبح هذه الطيور مريضةً ولا تعدي الدجاج الآخر غير المريض المتواجد في المكان نفسه مع الطيور البرّيّة المصابة.
- وفي دراسةٍ أخرى، تمّ دراسة إمراض فيروس انفلونزا الطيور H5N2BP/2007 في البطّ المحلّيّ المُمرض تجربيّاً عن طريق الأنف والقصبة الهوائيّة. وقد أظهرت النتائج أنّ الفيروس لا يؤدّي إلى إظهار علاماتِ إمراضٍ في البطّ، ولكن يمكن عزله من المحارة الأنفيّة والحنجرة والقصبة الهوائيّة والرئتين في الساعات الثمانية والأربعين الأولى بعد التلقيح. كما يمكن للفيروس أن يتسبّب بالالتهاب مع تخلّل لمفاوي.
دراسات حركيّة الإخرا
تمّ دراسة حركيّة إخراج السلالة المكسيكيّة من فيروس انفلونزا الطيور H5N2BP/2007 عن طريق إخراجات الفيروس في البلعوم والمذرق بعد 21 يوماً على الأقلّ عن تلقيح الدجاج والبطّ.
- وبالرغم من إقرار علماء آخرين أنّ تلقيح البطّ بالعيّنة النمطيّة الفرعيّة H5N2BP من السلالة المكسيكيّة يخرج بين اليومين والـ14 يوماً بعد التلقيح عن طريق التنفّس ومن صفر إلى سبعة أيام بعد التلقيح عن طريق المذرق.
كما تمّ ملاحظة أيضاً أنّ فيروس انفلونزا الطيور H5N2BP/2007 من السلالة المكسيكيّة الملقّح في البطّ المحلّي يُستطاع إخراجه عن طريق الجهاز الهضمي أوّلاً ثمّ عن طريق التنفّس، والعكس صحيح في الدجاج.
طفرة نكلوتيديّة
وقد ركّزت أغلب الدراسات المتعلّقة بطفرات النكلوتيد في فيروس انفلونزا الطيور على منطقة الانقسام في مورِث HA بسبب أنّه قد تمّ تحديد اختلاف تتالي الأحماض الأمينيّة في مورِث HA في الفيروس المتفشّي وفيروس اللقاح، ما يؤدّي إلى التخفيف من نسبة الحماية.
تمّ ملاحظة هذا التغيّر المتميّز بالانتحاء بين الأنسجة التنفّسيّة والهضميّة في الدجاج والبطّ المحقون بـH7N3BP وH7N2BP وH7N9BP من البطّ والدجاج البرّي والديك الرومي الداجن. ويرتبط شرح التغيّر بالانتحاء بـ:
- طفرات النكلوتيد التي تحصل في مورث HA وNA خلال تنسّخ الفيروس وانتقاله إلى الحيوان، كما لوحِظ في العيّنة النمطيّة الفرعيّة H11N9 في البطّ البرّي.
- أو أنّ الفيروس يتمتّع بمورثات من عيّنات فيروس نمطيّة فرعيّة أخرى حيث تمّ التأشّب بين فروسات الدجاج والبطّ؛ كما هي الحال في العيّنة النمطيّة الفرعيّة H9N2BP في البطّ المحلّي من كوريا الجنوبيّة والعيّنة النمطيّة الفرعيّة H5N2BP في الإوزّ البرّي في افريقيا.
تجمّع الأحماض الأمينيّة القاعدة
تمّ تحليل تجمّع الأحماض الأمينيّة القاعدة في منطقة الانقسام في مورِث HA التي بدورها ترتبط بشدّة إمراض الفيروس في الدجاج. لكنّ وجود أوعدم وجود منطقة الأحماض الأمينيّة القاعدة في بعض الحالات يرتبط بالفيروسات قليلة الإمراض. ذلك يقترح تدخّل مورثات أخرى في الإمراض، مثل PB1-F2، وPB2 وNS1 حيث تمّ إيجاد طفرات في البيورين والبيريميدين المرتبطتين بالإمراض.
الرسم 3. إصابة إنسان بفيروسات انفلونزا الطيور، نادرة ولكن ممكنة.
وضع فيروسات انفلونزا الطيور في المكسيك
فيروس انفلونزا الطيور H5N2
في 23 أيّار 1994، تمّ عزل فيروس انفلونزا الطيور H5N2 قليل الإمراض لأوّل مرّة. وفي كانون الأوّل من العام نفسه، تمّ عزل فيروس انفلونزا الطيور H5N2AP في الدواجن التجاريّة في مختبر اللجنة الأميركيّة-المكسيكيّة للوقاية من الحمى القلاعية والأمراض الحيوانيّة الأخرى. تمّ القضاء على H5N2AP في حزيران 1995.
وبالرغم من ذلك، حتى اليوم، يبقى فيروس انفلونزا الطيور H5N2AP شائعاً في المزارع التجاريّة ودجاجات الفناء الخلفي. ولكن، بسبب قلّة إمراضه، يمكن أن يبقى دون رصد في حين تتعافى الطيور.
خلال الـ24 سنة من وجود العيّنة النمطيّة الفرعيّة H5N2BP، ليس هنالك من تقارير تظهر أنّ الفيروس قد تحوّل إلى الشّكل شديد الإمراض، وأنّ مجموعه المورثي أصله من الطيور.
فيروس انفلونزا الطيور H7N3
في حزيران من العام 2012، ظهر فيروس انفلونزا الطيور H7N3 ذو الخاصيّات الجزيئيّة والبيولوجيّة شديدة الإمراض لأوّل مرّة في وحدات إنتاج الدواجن التي تنتج البيض للاستهلاك في ولاية خاليسكو. بعد السيطرة عليه، اختفى الفيروس وبائيّاً لمدّة 17 أسبوع، ليعود ويظهر في كانون الثاني من عام 2013، ويبقى موجوداً حتّى اليوم في بعض المناطق حيث لا تتواجد فيها طرق انتاج دواجن التي تتبع التقنيّات أو طرق تربية الدواجن في الفناء الخلفي.
- يرتبط مجموع مورثات فيروس انفلونزا الطيور H7N3 بسلالات فيروس انفلونزا الطيور من البطّ البرّي في الولايات المتّحدة وليس الإنسان أو الخنازير.
أمّا فيروس انفلونزا الطيور شديد الإمراض من العيّنة النمطيّة الفرعيّة H7N3 الموجود في الدجاجات من ولاية خاليسكو قد تمّ رصده عن طريق المُستَضَدّ وجزيئيّاً أيضاً في ملتحمة أعين عاملَين مع الدواجن من هذه المنطقة أصيبا بالتهاب الملتحمة لكن لم يظهرا ارتفاع في الحرارة أو مرضٍ تنفّسيّ.
تجربيّاً، هذا الفيروس المعزول وغير المتكيّف يتسبّب بمرضٍ مميت في الفئران ويستطيع أن يتنقّل بسرعة وبشكلٍ مباشر بين ابن مقرضٍ وآخر، كما يستطيع أن يستنسخ بسرعة كبيرة في خلايا الشعب الهوائيّة في الإنسان.
في الوقت الحاضر، تعدّ العيّنتان النمطيّتان الفرعيّتان H7 وH5 من فيروسات انفلونزا الطيور التّي يجب التصريح عنها للخدمة الوطنيّة للصحّة والسلامة وجودة الأغذية الزراعيّة والمنظّمة العالميّة لصحّة الحيوان. بالنسبة إلى فيروسات انفلونزا الطيور المعزولة أو المرصودة في الطيور البرّيّة في المكسيك، فقد تمّ الإفصاح عن وجود العيّنات النمطيّة الفرعيّة من فيروسات انفلونزا الطيور قليلة الإمراض H7N3 وH6N2 وH4N2 وH5NX في البطّ البرّي المهاجر.
حاليّاً، فيروسا انفلونزا الطيور H5N1 وH7N9 من السلالة الآسيويّة هما العيّنتان النمطيّتان الفرعيّتان الأكثر تأثيراً على صحّة الإنسان، ويعود أصلهما إلى العلاقة الوطيدة بين الأنواع المختلفة من الطيور المنتجة، البطّ البرّيّ والأشخاص الذّين يربّونه ويتبادلونه تجاريّاً.