أبحاث
لقراءة المزيد من المحتوى حول aviNews Arabic 2023
يبقى مسحوق فول الصويا (SBM) مصدرَ بروتين الأكثر إستخداماً للتغذية الحيوانية على مستوى العالم. ومع ذلك، فأنّ معظم مسحوق فول الصويا المستخدم في العالم يأتي من دول البرازيل، والولايات المتحدة، والأرجنتين، وباراغواي. إنّ التكلفة البيئية لنقل هذه الحبوب من القارة الأمريكية إلى مناطق أخرى تسبّب قلقًا كبيرًا ما بين دعاة حماية البيئة، مما يُترجم إلى ضغط معيّن من قبل مستهلكي المُنتَجات الحيوانية. وكذلك، هناك قلق بشأن التأثير البيئي لإنتاج فول الصويا في بيئات إستوائية والذي بإمكانه أن يؤدي إلى ظاهرة إزالة الغابات، وتدهور التربة، وإلى زيادة عامة في إنبعاثات غازات الإحتباس الحراري.
قام المعهد العالميّ لتقييم دورة عمر الأعلاف (Global Feed LCA Institute وبالمختصر GFLI) بتجميع معالم التأثير البيئي الخاصة بمكونات الأعلاف الحيوانية. إنّ هذا المعهد هو معهد مستقلّ خاص لصناعة الأعلاف الحيوانية، وقد تم تنظيم صناعة الأعلاف لتأمين قاعدة بيانات موحّدة لنتائج تقييم دورة العمر (Lifecycle Assessment أو LCA). إنّ الهدف هو تحسين جوانب الأغذية الحيوانية المنشأ الخاصة بالإستدامة. بالرغم من أن صناعة البيض والدواجن تتّصف بأدنى مستوى من تأثير بيئي، يبقى العلف هو الناحية ذات المجال الأكبر للتحسين. يعتمد التأثير البيئي بنسبة 70 إلى 75% على مكونات العلف وعلى طريقة إستخدامه. الجدول 1 يلخّص نتائج الـ GFLI حول تأثير مسحوق فول الصويا المستخلص بالمذيبات بحسب بلد المنشأ. ويمكن الملاحظة أن القيم المتوفّرة حاليًا لمعالم الإستدامة مثل التغيّر المناخي وإستخدام الأراضي تفضّل حبوب فول الصويا الأمريكية، نظراً لتلك التقاليد في الإنتاج والتقنيات المعتمدة في الأراضي المكيّفة لهذا المحصول الزراعي.
الجدول ١. معالم الإستدامة لمساحيق فول الصويا المستخلصة بالمذيبات بحسب بلد المنشأ وفقاً لقاعدة بيانات GFLI.
المصدر: Global Feed LCA Institute (GFLI) https://globalfeedlca.org/
ومع ذلك، فليس هذا الإهتمام بالإستدامة بشئ جديد وقد تمّ بالفعل، على مدى عقود، تقييم مواد أولية أخرى كبدائل لمسحوق فول الصويا. بيد أنّ القابلية للهضم للأحماض الأمينية الموجودة في مساحيق فول الصويا والمحتوى الإجمالي للأحماض الأمينية القابلة للهضم فيها يبقى أفضل من تلك لمسحوق دوّار الشمس، أو مسحوق الكانولا، أو الـ DDGS (الحبوب المقطّرة الجافة مع الذوائب)، ما بين غيرها من المواد. بالتالي، قد يكون التوازن الإجمالي من حيث الإستدامة في حال أفضل مع إستخدام مسحوق فول الصويا. فإنّ المكونات ذات قابلية أفضل للهضم دائماً تتّصف بتأثير إيجابي على الأثر البيئي المحلّي الذي قد تتركه الخلطة العلفية.
إنّ إستخدام المكون ضمن تركيبة الخلطة العلفية يعتمد بشكل أساسي على وصف جيّد للمحتوى من حيث العناصر الغذائية والطاقة. عندما يأتي الأمر إلى مساحيق فول الصويا، يمثّل بلد المنشأ أحد العوامل التي يمكن من خلالها القيام بتمييز أو إنشاء فئة ما للحصول على تركيبة دقيقة أكثر. كما تمّ كذلك الإبلاغ عن وجود تباين في جودة حبوب فول الصويا، وبالتالي في جودة المساحيق وفقاً للمنطقة ضمن البلاد. كما توجد هناك إختلافات بين الموَرّدين، إذ تلعب عملية معالجة الصويا أيضاً دوراً جذريّاً في جودة المُنتَج النهائي.
نظراً لوجود عوامل عديدة التي من شأنها أن تسبّب بالتباين، أنّه يصبح من المهم القيام بتحليل تلك المكونات التي تحصل عليها وإتّخاذ قرار، إعتماداً على قاعدة البيانات المحلية، حول كيفية تقسيمها إلى بضعة مجموعات التي تختلف عن بعضها البعض من حيث خصائص التغذية والجودة بشكل مستمرّ. لإجراء هذه التحليلات بنمط أكثر اتساقًا وسرعة وإقتصادية، والحصول على عدّة معايير غذائية مهمّة في الوقت نفسه، تُعد معدّات التنظير الطيفي للأشعّة القريبة من تحت الحمراء (NIRS) بالأداة الأفضل المتوفّرة حالياً لتحقيق ذلك.
قامت عدّة شركات بإنتاج منحنيات المعايرة لتقدير التحليل التقريبي، والأحماض الأمينية، والطاقة بواسطة أطياف الـ NIRS. ولإعطاء مثال على إستخدام هذه المعلومات لصياغة أعلاف للدجاج البيّاض، قمنا بإختيار خدمتين من هذه الخدمات لتقدير المغذّيات بواسطة تقنية الـ NIRS. لقد إخترنا خدمة AMINONIR® من شركة Evonik وخدمة PNE® من شركة Adisseo. والقصد هنا ليس القيام بمقارنتها إذ أنّ نمط التطوير المعتمد لكل واحدة منها هو مختلف تمامًا. فإنّ الجانب المهم هنا هو إثبات فائدة أنظمة الـ NIRS هذه في وصف التركيب الغذائي والمحتوى من الطاقة. بهذه الطريقة، يصبح من الممكن إستفطان قيمتها في أمر صياغة تركيبة علفية متوازنة.
إن هذه المعايرات للـ NIRS لها أصول مختلفة وفقاً لطرق التحليل الكيميائي المستخدمة لشامل العناصر الغذائية، بما فيه الأحماض الأمينية، وحساب القابليات للهضم الخاصة بالأحماض الأمينية، والمحتوى من الطاقة. لذلك، قد تعطي نتائج التحليلات قيمًا مختلفة لعيّنات متشابهة عند إستخدام كلا الأسلوبين. في الحالة هذه، لم نقم بمقارنة المكونات بين النظامين. كل من أراد إستخدامهما وجَبَ عليه إختيار أحد النظامين وتطبيقه بصورة مستمرّة.
إنّ نظام AMINONIR يحسب الطاقة الأيضية للطيور وفقًا لمعادلات التنبؤ الخاصة للـ WPSA (1989) ويستخدم معامِلات القابلية للهضم لكل مكوّن بناءً على التجارب السابقة. على العكس من ذلك، يلجأ نظام PNE إلى أسلوب المعايرة المباشرة بواسطة بيانات ناتجة عن تجارب في الجسم الحي (in vivo)، كما يقوم كذلك بتقدير قيم للقابلية للهضم للأحماض الأمينية لكل مكوّن يتم تقييمه.
من خلال إستخدام عيّنات فول الصويا المحللة، أو قواعد البيانات والتقارير الصادرة عن كل من AMINONIR و PNE، تمكّننا من الحصول على وصفٍ لمساحيق فول الصويا مختلفة المنشأ. مع AMINONIR، قمنا بوصف حبوب فول الصويا أتت من ثلاث مناطق في الولايات المتّحدة، والبرازيل، والأرجنتين. بينما مع PNE فقد تمّ التمييز بين مساحيق فول الصويا الآتية من الأرجنتين والبرازيل والولايات المتّحدة. تم إستخدام هذه المعلومات لصياغة خلطات علفية للدجاج البيّاض البنيّ والأبيض اللون من سلالة الهاي لاين (Hy-Line) في مرحلتين 1 و 2. مع كل حالة، إختلفت أسعار المكوّنات عن بعضها البعض وذلك نظراً لكون الحالتين مختلفتين تمامًا من حيث السوق.
تم تقديم أمثلة للخلطات العلفية التي تمّ صناعتها في الجدول 2. تراوحت أسعار مسحوق فول الصويا بين 353، 471.50، و 590 دولارًا للطن الواحد. أسعار الذرة تراوحت بين 198.82، 236.22، و 323 دولارًا للطن الواحد. يقدّم الشكل 1 مثالًا يشير إلى أنّ شامل أسعار الخلطات العلفية للدجاج البيّاض البني أو الأبيض كانت تقريباً دائماً هي الأرخص في حال الخلطات العلفية المصاغة بمساحيق فول الصويا الأمريكية (محدّدة بدوائر ومثلّثات حمراء اللون). وقد تمّ ملاحظة ذلك مع كلا نظامي الـ NIRS.
الجدول 2. أمثلة على خلطات علفية المصاغة للدجاج البيّاض البنيّ أو الأبيض اللون (W36) وفقًا لتوصيات Hy-Line لعام 2022.
الشكل 1. أسعار الخلطات العلفية للدجاج البيّاض البني والأبيض اللون المصاغة بواسطة معلومات الـ NIRS التابعة للـ PNE مع معلومات غذائية لحبوب فول الصويا بحسب بلد المنشأ لعامين 2020 (•) و2021 (▲). الألوان تشير إلى بلد المنشأ لمسحوق فول الصويا.
في حال عدم قيام خبراء التغذية بأخذ في الإعتبار الإختلافات بالمحتوى الغذائي، وقيامهم بإيجاد المتوسّط لشامل المعلومات الغذائية التي يتعين إستخدامها في التركيبة بدلاً من إستخدام المعلومات المحدّدة الخاصة بكل مصدر أو موَرّد، فسوف يقللوا أو يبالغوا في تقدير تكلفة الخلطة العلفية والتركيب الغذائي، كما يصبح واضحاً من المثال الوارد في الجدول 3.
الجدول ٣. أمثلة على الفرق في السعر وفي محتوى الطاقة أو محتوى العناصر الغذائية بين الخلطة العلفية المصاغة بإستخدام قيم غذائية متوسطة أو تلك المصاغة بإستخدام القيم الغذائية المحدّدة التابعة لمنشأ العنصر الغذائي، وفي هذه الحالة مسحوق فول الصويا الآتي من الولايات المتّحدة والبرازيل والأرجنتين.
فعلى سبيل المثال، يبدو أنّ الخلطات العلفية للدجاج البيّاض البنيّ المصاغة بإستخدام القيم المتوسّطة للعناصر الغذائية، بغض النظر عن المنشأ الفعلي، والمسعّرة بـ 332.73 دولار للطن الواحد، ستكون أرخص بـ 1.05 و 1.56 دولارٍ للطن في حال إستخدام وجبات فول الصويا البرازيلية أو الأرجنتينية، وأغلى بـ 1.94 دولارٍ للطن في حال أنّ الخلطة العلفية تستخدم مساحيق فول الصويا الأمريكية. ومع ذلك، فأنّ الخلطات العلفية التي يتم الحصول عليها بإستخدام متوسط القيم الغذائية هذا قد تقلّل في تقديرها للمحتوى الغذائي الفعلي وفي الواقع تبالغ في صياغة الخلطة، وبالتالي فأنّها توفر الطاقة وبعض العناصر الغذائية للدجاج بمقدار زائد. ومن الجانب الآخر، قد يتم صياغة خلطات أخرى ذات مواصفات دون المواصفات المتوقعة.
فعلى سبيل المثال، الخلطة العلفية المصاغة بإستخدام قيم متوسّطة، وبدون المراعاة لأصل لمنشأ، قد تحتوي على المزيد من الطاقة بـ 35 أو 37 سعرة حرارية كبيرة (كيلو كالوري) في الكيلوغرام، أو على كمية بروتين أقلّ بـ 0.14 و 0.17 نقطة مئوية، في حال كان المنشأ الفعلي لمسحوق فول الصويا يأتي من الولايات المتّحدة. إنّ هذا التباين بين البيانات النظرية المتوسطة وما يحتوي عليه العلف في الواقع يؤثر على أداء البيضة وجودتها. لذلك من الأفضل دائماً القيام بفصل المكوّنات بحسب المنشأ وإستخدام هذه المعلومات في الصياغة.
إنّ الفكرة الرئيسية من هذا المثال هي تحسين الدقة في الصياغة، الحصول على نتائج أفضل من حيث المحتوى الغذائي، وتحسين الأداء في إنتاج البيض أو الدواجن.