بعد معرفتنا كيف تساعد التقنيات المنتجين و الصناعة في “تربية الدواجن 4.0″، يعرض علينا رودريغو غالي رؤيته عن كيفيّة استعمال التقنيات للمساعدة على زيادة فعاليّة إنتاج تربية الدواجن التقليدي ورفعه لمستوى “التربية 4.0”.
في العدد الآتي، يعرض رودريغو علينا كيفيّة وضع التقنيّات قيد الممارسة.
تلعب أدوات “تربية الدواجن 4.0” دوراً أساسياً في فعاليّة إنتاج الدواجن، و هي مبنيّة على استعمال تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي (AI) والبيانات الضخمة.هذه الأدوات تجعل مراقبة سلوك الحيوانات وتوقّع أدائها وتفاديه حتّى ممكناً.
فعلى سبيل المثال، تستطيع الرؤية الحاسوبية، والتي تستعمل التعلّم المتعمّق، مراقبة سلوك الطيور، لتبَيُّن علامات الصحّة أوالمرض أو الإجهاد، بالإضافة إلى تقييمها للوزن وتدقير كميّة العلف وعدد وجودة البيض.
كذلك، أصبح توقّع الإنتاج ممكناً وبشكلٍ دقيقٍ بفضل الذكاء الاصطناعي، فيمكننا مثلاً توقّع الوقت المثاليّ للذّبح بالنسبة للأهداف الترويجيّة، واستهلاك العلف، وإنتاج البيض، ووزن الطائر.
بالإضافة، يلعب الأداء التلقائي أدواراً جذريّةً عدّة، إذ يسمح تغذية الطيور ووزنها وتعديل الحرارة وجمع البيض بشكلٍ تلقائيّ، ما يزيد من إنتاجيّة العمليّة.
يقسّم تطبيقُ هذه التقنيّات بطريقة عمليّة على النحو التالي:
تقنيّات مطاحن العلف
بيوت الدجاج
الصحّة
الإدارة
لنبدأ بالتقنيّات التي يمكن أن تطبّق في مطاحن العلف.
أذكُر ثلاثة أنواعِ تقنيّاتٍ للأشعّة القريبة من تحت الحمراء – NIR Technologies (و منها التنظير الطيفي للأشعّة القريبة من تحت الحمراء، أو ما يُعرف بـNear Infrared Spectroscopy ) المستعملة كثيراً في مطاحن العلف.
تواصل بعد الإعلان.
الـNIR المختبريّة: يتواجد هذا الجهاز غالباً في مختبرات المحافظة على الجودة، ويُستعمَل لتحليل التركيبة الغذائيّة للمكوّنات والعلف بشكلٍ دقيقٍ ومفصّلٍ. ويمكن استعماله ببعض الأحيان الأخرى حتّى لتحليل أثر معالجة فول الصويا والحبوب المقطّرة الجافّة مع الذوائب (DDGS). باستخدام الجهاز، تُحضّر العيّنات وتُحلّل مباشرةً، وتقدّم النتائج خلال ثوان.
الـNIR المحاذي لخطّ الإنتاج (in-line أو on-line): هي أنظمةٌ مصمّمةٌ للتثبيت مباشرةً على خطوط الإنتاج في مطاحن العلف. باستخدامها، تُحلّل المكوّنات بالزمن الحقيقي، ما يسمح بتعديل الوصفة والمقادير بشكلٍ فوريّ وضمان تطابق دفعات العلف.
الـ NIRالمحمول: أجهزة الـNIR المحمولة هي أجهزة صغيرة الحجم و سهلة النقل، ويمكن نقلها مباشرةً إلى مزوّدي المواد الخامّة، أومطاحن العلف، أو مزارع الدواجن. يمكن لهذه الأجهزة إرسال البيانات بالزمن الحقيقي للتحليل واتّخاذ القرارات عبر الاتّصال بالانترنت.
و يوجد لدينا أيضاً أساليبَ صناعيّةٍ تلقائيّةٍ (معروفة أيضاً بـProcess Automation)، و هي مشكّلة من أنظمة تلقائيّة لتجريع ومزج العلف بحيث تقلّل الأخطاء وتزيد الإنتاجيّة. كذلك، يوجد لدينا ما يُعرَف بتتبُّع البيانات (أو الـData Traceability)، وهي أنظمة تجمع البيانات وتسجّلها بالزمن الحقيقي، ما يسمح بتتبُّع أصل المكوّنات والتّحكّم بجودتها.
تستطيع البيانات المُنْتَجة أن تشكّل بياناتٍ ضخمة وأن تُنتِجَ تحاليلٍ تشمل بياناتٍ من صناعة الدواجن. وبالتالي، تفتح هذه البيانات مجالاتٍ لتحسين الأساليب الإنتاجيّة.
بيوت الدجاج
وُضِع العديد من تقنيّات “تربية الدواجن 4.0” قيد التنفيذ في بيوت الدجاج، وزاد استعمالها من جدارة اعتماد مؤشّراتها من قبل مربيي الدجاج. وبالتالي، أصبح اتّخاذ القرارات بوجود الطيور في بيتها أكثر انتاجيّة ودقّة. تشتمل هذه التقنيّات على:
الموازين التلقائيّة: وهي موازين تراقب وزن الطير، وتسمح بتعديل التغذية وتبيّن مشكلات الصحّة والرفاهية بطريقة مخصّصة ومرتبطة بتغيّر الوزن.
أجهزة الاستشعار البيئيّة: هي أجهزةٌ لاسشعار الرطوبة والحرارة وجودة الهواء، ويضمن استعمالها بيئةً مثاليّةً للطيور. يمكن ربط أجهزة الاستشعارهذه بالموازين أو استخدامها على حدى. ويوجد منها أيضاً روبوتات مستقلّة تتنقّل عبر أرجاء بيوت الدجاج لقياس المؤشّرات البيئيّة عينها.
آلات التصوير بالرؤية الحاسوبيّة: تراقب آلات التصوير تصرّفات الطيور وتقيس وزنها، وتعدّها هي والبيض. كما تستطيع تصنيف الأخير (وسخ، مشقّق، إلخ). يمكن لآلات التصوير أيضاً قياس كميّة العلف المتبقّي في صومعة الأعلاف وتقدير الاستهلاك.
الروبوتات المستقلّة: هي روبوتات تقوم بالعديد من الوظائف، بدءاً من نقل الطيور وتحفيذها على استهلاك العلف، وصولاً إلى استبيان الطيور الميّتة وجمع البيض. يمكن لروبوتات مثل روبوت “ChickenBoy” تفحّص فراش الطيور وجمع صوَر المخلّفات لتبيان وضع الطائر الصحّيّ. لا تُستعمل الروبوتات على نطاقٍ واسعٍ في البرازيل، ولكنّ الشركات والجامعات مثل كليّة لويز دي كويروز الزراعيّة في جامعة ساو باولو (Luiz de Queiroz College of Agriculture, University of São Paolo – ESALQ) تقوم بتطوير نماذج منها.
الألواح التلقائيّة: هي ألواح مرتبطة بأجهزة استشعار، وهي تساعد على التّحكّم تلقائيّاً بالأجهزة المختلفة مثل جهاز التّهوِية والإضاءة والطاقة.
مراقبة وضع العلف داخل الصومعة
حساس الرادار المُسَيّر بالموجة: يستعمل هذا الحساس موجات الرادار لقياس مستوى العلف في الصومعة بدقّة، ما يجعل التحكّم بإمدادات العلف أكثر إنتاجيّة.
مراقبة العلف في الصومعة باستخدام ماسحات الليزر: تمسح هذه الماسحات مستوى العلف في الصومعة وتوصِل معلومات المخزون بالزمن الحقيقي. لا يقتصر استخدام هذه الماسحات على صومعات العلف فحسب، بل يمكن استخدامها في صومعات الحبوب أيضاً.
مراقبة العلف عن طريق خلايا الحمل: تركّب خلايا الحمل تحت الصومعات لقياس وزن العلف المتبقّي، فتزوّدنا ببياناتٍ دقيقةٍ تسمح بالتخطيط لإعادة التعبئة. الخلايا منها الأكثر حداثةً تتّصل بالانترنت وتبعث البيانات إلى تطبيقٍ معيّن على الهاتف المحمول أوالحاسوب.
مراقبة العلف في الصومعة عن طريق حساس الشدّ: يقيس هذا الحسّاس قوّة شدّ حبل التعليق في صومعة العلف، ويشير بالتالي إلى مستوى العلف بشكلٍ غير مباشر. يصبح تحديد كميّة العلف المستهلكة ممكنناً بناءً على قوّة الشّدّ.
سلّط الأمثلة التي ذكرناها الأضواء على نطاق تقنيّات المراقبة الواسع الذي يشتمل عليه “تربية الدواجن 4.0″، لضمان إمدادٍ وافٍ من العلف، ولتحسين تغذية الطيور وتطوير فعاليّة الإنتاج.
ولكنّ السؤال التالي يبقى بالبال: هل موظّفو مزارع الدواجن يُدرّبون على استعمال هذه التقنيّات؟
الصّحّة
المراقبة الوقائيّة لصحّة السرب: تقوم المراقبة الرقميّة لصحّة أسراب الدجاج على جمع المخلّفات واستعمال الـqPCR أي تفاعل البوليمراز المتسلسل بالزمن الحقيقي (أو real time polymerase chain reaction) لمراقبة و قياس كميّة الكائنات الممرضة في الأمعاء بشكلٍ مستمرّ، وسريعٍ، ودقيقٍ، وعلى نحوٍ موثوق. وتمنح هذه المراقبة الرقميّة إنذاراتٍ مسبقة لمنتجي الدجاج عن مستوى الكائنات الممرضة، ما يسمح لهم باتّخاذ تدابيرَ وقائيّةٍ بشكلٍ سريعٍ ودقيقٍ ويُعتَمَد عليه، وبطريقةٍ غير غازية.
الإدارة
نظام القرار الداعم: تُنتِج البيانات المجمّعة تقارير وأبعادَ أنظارٍ تُساعد على الإدارة واتّخاذ القرارات. تُوَحَّد هذه البيانات على منصّةٍ واحدةٍ، ما يجعل المشارفة على السلسلة بالكامل واقتفاء الآثار ومعاينة شفافيّة الأعمال ممكناً. وبالتالي، تستطيع الشركة التعامل مع البلوكتشين أو تقنيّة سلسلة الكتل (Blockchain).
البلوكتشين (وهي تقنيّة تسجيل حساباتٍ موزّعة تسمح بتتبّع وإدارة المعلومات بأمانة وكفاءة):
زيادة شفافيّة سلسلة التوريد: يمكن استعمال البلوكتشين لزيادة شفافيّة سلسلة توريد الدجاج. تساعد هذه التقنيّة على ضمان حصول الزبائن على المعلومات عن كيفيّة إنتاج علف الدجاج.
التخطيطٌ الحركيّ: تجعل البيانات التخطيط ممكناً على المدى القريب والبعيد وبشكلٍ حركيّ، ما يحسّن العمليّات ويزيد الإنتاج إلى أقصى حدّ.
يستطيع التقنيّون إيجاد المشكلات وتكثيف زياراتهم إلى بيوت الدجاج التي بحاجة إلى دعمهم عن طريق الإنذارات. يستطيعون البحث عن كلّ البيانات المخزّنة عن تلك الدفعة من الطيور والتوصّل إلى جذور المشكلة. تحسّن هذه الحلول استخدام وقتهم وموارد الشركة لأقصى حدود، وتزيد من كفاءة عملهم.
من بين التقنيّات الآنف ذكرها، يسلّط رودريغو الضوء على القدرة على التحكّم ببيئة المزرعة بشكلٍ ذكيّ. يستطيع الذكاء الاصطناعي تنظيم الحرارة والرطوبة وجودة الهواء، لتوفير بيئةٍ أكثر راحة وإنتاجيّة للطيور.
تساعد هذه التقنيات جمعاء على تخطيط الإنتاج بشكلٍ أكثر فعاليّة، وتحسين الأساليب والصحّة، وزيادة الإنتاجيّة العامّة.
تفوق قدرة أدوات “دواجن 4.0 ” المراقبة والتوقّع فحسب، إذ تستطيع اكتشاف تنوّع العوامل خارج الحدود المقبولة المشعور بها من قبل الحساسات أو البيانات المُدخلة إلى الهواتف المحمولة بشكلٍ سريعٍ، وتُنتِج إنذاراتٍ مباشرةً. تحيط هذه الإنذارات عناصر السيطرة علماً بالمشكلة، ما يسمح باتّخاذ التدابير التصحيحيّة فوراً، بخاصّةٍ أن عناصر السيطرة قد تعمل تلقائيّاً.
بالإضافة إلى ذلك كلّه، يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً محوريّاً في توقّع أداء كلّ سربٍ من أسراب الطيور.
يمكن تعديل هذه النماذج وفق البيانات الجديدة وابتكار بيانات وأحداث تُرشِد إلى الوصول إلى أهداف الذبح أو إنتاج البيض بنجاح.
دورة التحليل الدائم هذه، من تعديلٍ وتحرّك، لا تزيد من فعاليّة الإنتاج فحسب، بل تزيد من القدرة على استباق وحلّ المشكلات، ما يُنتج المزيد من الفعاليّة والعمليّات الناجحة.